مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

الزكاة والصدقات

مدونة الزكاة والصدقات

الأربعاء، 2 يونيو 2021

الصدقة في الخفاء وفضائلها العظيمة

المستظلون في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله (6)

المستخفي بالصدقة

تحدثنا في آخر جزء عن الصنف الخامس من الأصناف السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهو صنف من يقول: "إني أخاف الله" حين تدعوه امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها، وكذلك المرأة العفيفة التي تقول: "إني أخاف الله" حين يدعوها الرجال بمغريات المال والجاه والشباب، فيتخلصان من فتنة الشهوات بما عندهما من إيمان راسخ، وخوف من رب لا يَضيع عنده أجر المحسنين.

 

ونقف اليوم - إن شاء الله - عند الصنف السادس من أولئك السبعة السعداء الأبرار، وهو "رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ"، نقف عند الأعمال الصالحة، كيف تكون ظلا لصاحبها يوم القيامة؟ كما قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: "الشَّمسُ فوق رؤوسِ النَّاس يومَ القيامة، فأعمالهم تُظِلُّهم أو تُضَحِّيهِم". ومن هذه الأعمال الجليلة الصدقة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقتِه حتى يُقضَى بين الناسِ" صحيح الجامع. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته" الصحيحة. قال يزيد: "وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إِلاَّ تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَعْكَةً، أَوْ بَصَلَةً، أَوْ كَذَا".

 

ومن أعظم أنواع الصدقة، أن تُنظِر المعسر أو تتجاوزَ عنه. قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280]. قال أبو اليسر - رضي الله عنه -: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ الله فِي ظِلِّهِ" مسلم. وهذا يعني أن يوم القيامة عسير، لكنه على المؤمن يسير، ومن أعظم أسباب يسره، التيسير على المعسر، الذي لم يستطع سداد الدَّين، فنمهله حتى ييسر الله عليه، أو نسقط عنه الدين. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَسَّرَ على مُعسِرٍ، يَسَّرَ الله عَليهِ في الدُّنيا والآخرَةِ" مسلم. وفي الصحيحين عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. قَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ. قَالَ الله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تَجَوَّزُوا عَنْهُ)".

 

أما فضائل التصدق في سبيل الله فكثيرة، منها:

1- الصدقة برهان على صدق صاحبها، ودليلٌ على قوة إيمانه، وشديدِ تعلقه بربه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ" مسلم.

 

2- الصدقة تطفئ غضب الرب، وبخاصة صدقة السر. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن صدقة السر تطفئ غضب الرب - تبارك وتعالى -" صحيح الترغيب.

 

3- الصدقة مَحرقة للخطايا ومحو لها. يقول - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ" صحيح سنن الترمذي.

 

4- الصدقة وقاية من النار ولو كانت قليلة زهيدة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ" متفق عليه.

 

5- الصدقة دواء للأمراض الحسية، فمن كان به مرض، أو بأحد أقربائه وأحبائه، ثم تصدق بنية الشفاء من هذا المرض، شفاه الله - عز وجل - قال - صلى الله عليه وسلم -: "داووا مرضاكم بالصدقة" صحيح الترغيب. قال ابن شقيق: "سمعت ابن المبارك ـ وسأله رجل عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم يَنتَفع به ـ فقال: اذهب فاحفر بئراً في مكان حاجةٍ إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويُمسَك عنك الدم. ففعل الرجل فبَرَأ".

 

6- ومما شاهده الناس وتواطأوا عليه، أن الصدقة تدفع البلايا عن صاحبها. فقد جاء في وصية يحيى - عليه السلام - لبني إسرائيل قوله: "وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ: أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ" صحيح سنن الترمذي. قال ابن القيم - رحمه الله -: "إن للصدقة تأثيراً عجيباً في دفع أنواع البلاء.. وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم، لأنهم جربوه".

 

7- الصدقة توصل صاحبها إلى مقام نيل حقيقة البر - قال تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92].

 

8- المتصدق يحظى بدعوة المَلَك له بالإخلاف وزيادة الرزق كل يوم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا" متفق عليه.

 

9- الصدقة تزيد المال ولا تنقصه. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ الله عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ الله" مسلم.

 

10- للصدقة باب من أبواب الجنة جعله الله للمتصدقين يسمى باب الصدقة. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (أي: من أنفق شيئين من نوع واحد، نحو درهمين، أو قميصين)، نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ" متفق عليه.

 

11- الصدقة تطهر المال من كل ما يشوبه من لغو، وكذب، وحلف، وغفلة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلِفُ، فَشُوبُوهُ (طهروه) بِالصَّدَقَةِ" صحيح سنن ابي داود.

 

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ"، بالتنكير، يفيد مطلق الصدقة، سواء كانت كثيرة أم قليلة. ولذلك أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها - فقال: "يَا عَائِشَةُ، اسْتَتِرِي مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنَّهَا تَسُدُّ مِنَ الْجَائِعِ مَسَدَّهاَ مِنَ الشَّبْعَانِ" صحيح الترغيب. وتصدقت - رضي الله عنها - بعِنَبة وقالت: "كم فيها من مثقال ذرة".

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ"، دليل على المبالغة في الإسرار والاستتار بصدقته، حتى لو افترضنا أن اليد اليسرى تعقل، لما علمت بصدقة اليد اليمنى.

 

والأظهر في الصدقة أن تكون سرا، إلا إذا وجدت مصلحة تقتضي الإعلان. قال تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 271]. وكان علي زين العابدين يوزع جِرابا من الخبز على مائة أسرة من أهل المدينة ليلا سرا، وكان يقول: "إنَّ صَدَقة السِّرِّ تُطفِئُ غَضَب الرَّبِّ - عَزَّ وَجلَّ -"، وما كشفوا أمره حتى توفي - رحمه الله -.

 

فالسر يبعد عن الرياء، ويحقق معنى الإخلاص، ويحفظ السائل من أن تُعرف يده السفلى، وتحقق تعففه وستره، كما قال تعالى: ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ [البقرة: 273].

 

وقد يكون إعلان الصدقة خيرا من الإسرار بها، كأن يكون المتصدق قدوة، يريد أن يقتدي الناس به، أو تشجيعا على مشاريع الخير، أو لفتح باب التنافس في أوجه الإنفاق.

 

ويتعلق بالصدقة مجموعة من الأحكام والآداب، منها:

1- يَحسُن بالمتصدق أن يتصدق حال الصحة والقوة، فهو أفضل من الصدقة حال الضعف والمرض ودنو الأجل. فقد سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: "أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلاَ تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلاَنٍ كَذَا، وَلِفُلاَنٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ" متفق عليه.

 

2- يعظم أجر الصدقة إذا كانت عن قلة وحاجة، لما فيها من الإيثار وتفضيل الغير على النفس. فقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "جُهْدُ الْمُقِلِّ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ" صحيح سنن أبي داود. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "سبق درهم مائة ألف درهم". قالوا: وكيف؟ قال: "كان لرجل درهمان، تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عَرْض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم، فتصدق بها" صحيح سنن النسائي.

 

3- الذي يحتسب إنفاقه على أولاده، يجعل الله نفقته صدقة. قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً" متفق عليه.

 

4- الصدقة على القريب أكثر أجرا من الصدقة على غيره. قال - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ" صحيح سنن ابن ماجة.

 

5- الصدقة الجارية تنفع صاحبها في الحياة وبعد الموت. قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" مسلم. ومنها: سقيُ الماء وحفر الآبار، ورصدُ مشروع يُنفَق مردودُه على المحتاجين، وبناءُ المساجد، والنفقةُ على طلاب العلم النافع، وتوزيعُ المصاحف، وبناءُ البيوت لابن السبيل واليتيم والأرملة، ونحوُ ذلك.

ومن الالوكة

"والصلاة نور، والصدقة برهان"

 

عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "الطُّهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو؛ فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها". (رواه مسلم).

 

الشرح الإجمالي للحديث:

الإيمان تخلٍّ وتحلٍّ، والطهارة هي التخلي عن الرذائل من الاعتقادات الأفعال والأقوال والأخلاق، فكانت نصف الإيمان، وطريق تحقيق الإيمان هو تحقيق توحيد الله وحسن عبادته، ومما يعبن على تحقيق توحيد الله تعالى تنـزيهه سبحانه عن النقائص؛ وهو مقتضى قول العبد: (سبحان الله)، ووصف الله تعالى بالكمالات؛ وهو مقتضى قول العبد: (الحمد لله)، فيلفظها بلسانها مستحضرًا معناه بقلبه، ومما يعـين العبد على تحقيق الأعمال الصـالحة: الاستعـانة بالصلاة فهي نـورٌ يستضيء بها العبد: نور وهداية له في الدنيا والآخرة، ونورٌ يظهر على وجهه وقوله وفعله، والاستعانة بالصبر والثبات على الطاعة وترك المعصية وحسن الأدب مع الله عند وقوع البلاء، والصبر على ما فـيه من مشقة؛ لأجل ما فيه من الضياء الذي يهدي الله به العبد، قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45]، والاهتداء بالقرآن وأحكامه ومواعظه وقصصه فهو القوة الإيمانية التي يعتمد عليها العبد ويحتج بها على غيره، ومما يعين العبد كذلك على الثبات: تقديم المحاب طلبًا لمحبة الله، فإذا سئل العبد يوم القيامة عن صدق محبته لله كانت أعماله وصدقاته براهين في إجابة هذا السؤال.

 

الفوائد التربوية من الحديث:

1- أن الناس في هذه الحياة الدنيا على قسمين: الأول: من دان نفسه وعمل لما بعد الموت؛ فسعى في أسباب نجاتها وعتقها، والثاني: من توانى عن ذلك حتى أهلك نفسه وأوبقها في معاصي الله، قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41].

2- أن يعلم العبد أن الحرية الحقيقية هي الالتزام بطاعة الله تعالى، والهروب من رق الشيطان، قال ابن القيم رحمه الله:

هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلوا برق النفس والشيطان

============

 

الصدقة وفضلها

تكاثرت النصوص عن فضيلة الصدقة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ﴾ [البقرة: 254]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].

 

ومن كرم الله تعالى وفضله أنه يرزقك المال، فإذا أنفقته في سبيله أخلفه الله عليك ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]، وهذا الخُلْف من الله تعالى ورد عامًّا بقوله تعالى: ﴿ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾، وقد يتنوَّع هذا الخُلْف، فيكون صحَّةً، أو مالًا، أو صَلاحًا، أو إصلاحًا، أو دفْعًا لبلاء، أو غير ذلك من أنواع الخُلْف، فكُنْ من ذلك على يقين تامٍّ، فهذا اليقين سيدفعك بإذن الله تعالى إلى الإكثار من الصدقة في سبيل الله تعالى؛ عن أبي الخير قال: سمِعْت عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ امْرِئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ))، أو قال: ((حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ))، قال یزید: وكان أبو الخير لا يخطئه يوم، إلَّا تَصَدَّقَ بكعكة أو بفولة أو ببصلة[1].

 

إن من حقيقة الصدقة، أنك نقلت مالك من حساب الدنيا إلى حسابالآخرة؛ لا كما قد يتوَهَّم بعضُ الناس أنه خرج منك إلى غيرك، فهو ما زال لك، بل أصبح مُضاعفًا إلى أضعاف كثيرة، فهو مُدَّخَرٌ لك، مخلوف عليك.

 

ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، واعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وأنَّ أَحَبَّ الأعمالِ إلى اللَّهِ أَدْوَمُها وإنْ قَلَّ)) [2].

 

إن الصدقة الدائمة - ولو كانت قليلة – فهي في مجموعها كثيرةٌ، فهي كالنقاط المجتمعة حتى كانت سيلًا من الماء، ولا تستقل شيئًا من الصَّدَقة، فإن عدم الصَّدَقة أقلُّ من هذا القليل!

 

إن الصَّدَقة الخفيَّة هي إحدى صفات من كانوا تحت ظِلِّ العرش، فاحرص على إخفائها؛ ولكن إن كان هناك مصلحة من إظهارها؛ فقد قال تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ [البقرة: 271]، فكن من أهل الإخفاء، أو الإظهار كل بحسبه.

 

الصَّدَقة زكاة للمال، وزكاة للنفس، فهي طهارةٌ معنويةٌ للنفس، ونماء حسِّي للمال، وشعور بأحوال إخوانك المحتاجين، والجزاء من جنس العمل، والصَّدَقة نفع للآخرين، وتنفيس لكربهم، وإدخال للسرور عليهم، وذلك يتطلَّب مِنَّا استحضارها - مهما كانت قليلة - ليعظُم أجرُها، ولربما سبق درهمٌ مئة ألف درهم.

 

إن لم يفتح عليك في باب الصَّدَقات، فكن سببًا في بعض صدقات المتصدِّقين، فلربما تمت صدقات كثيرة كنت أنت سببها، وكتب لك مثل أجورهم.

 

((مقترح)) يحسن وضع صندوق لأهل بيتك، يكون مجالًا للصَّدَقة اليومية ولو بالقليل، ثم يُصرَف على الفقراء.



1 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير برقم (771) 17/280، والبيهقي في الشعب برقم (3077) 5/ 49، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع برقم (4510) 2/ 830.

2  أخرجه البخاري في صحيحه برقم (6464) 8/ 98، ومسلم في صحيحه برقم (783) 1 /541.

========================================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطلاق

  النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق / مدونة الطلاق للعدة / مدونة ديوان الطلاق // المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة